مهنة الصيدلة باي .. باي !!

 

 

فارماجو – د. مالك السعدي

ان المراقب لوضع مهنة الصيدلة والانحدار الكبير الذي تمر فيه هذه الأيام الجزم بان المهنة نستطيع ان نطلق عليها مثل هذا العنوان  "مهنة الصيدلة: باي باي !!".

وعندما أتحدث عن الانهيار والانحدار فاني لا اقصد ان هذا الانهيار حدث خلال هذه الفترة التي نعيشها فحسب, إنما منذ فترة, الا انه وفي هذه الفترة بالذات زاد الانهيار والانحدار أكثر فأكثر حتى أصبح أحسن المتفائلين لا يظنون ان المهنة ستبقى صامدة لاكثر من الخمس سنوات القادمة.

ان زيادة أعداد الخريجين والبطالة بين الصيادلة تعتبر من أهم عوامل هذا الانهيار, فلا يوجد خطة إستراتيجية حتى الآن لتخفيف أعداد الصيادلة الخريجين, فقد أصبحت الجامعات الأردنية تخرج ما يعادل من  1000 – 1200 صيدلاني خلال العام الواحد, وان عدد كليات الصيدلة بعدما كانت محدودة على أصابع اليد الواحدة أصبحت الآن 22 كلية.

كما ان الطاقة الاستيعابية لكليات الصيدلة أصبحت الآن اكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية المطلوبة, الأمر الذي انعكس سلبا على نوعية وكفاءة الصيدلاني الخريج.

أما البطالة فحدث ولا حرج, خصوصا بين الزميلات الصيدلانيات اللواتي أصبحن يشكلن ما يزيد عن 75% من عدد الصيادلة المنتسبين للنقابة و الذين زاد عددهم عن 24 ألف صيدلاني وصيدلانية حتى الان, الأمر الذي يشكل تهديدا لمستقبل مهنة الصيادلة من جهة, ولمستقبل وسمعة المهنة من جهة أخرى لان الخوف من اذرع الفساد بدأت تظهر في ظل هذه الأوضاع والبطالة التي يدعى بانها مقننة !!.

واجهة المهنة "صيدليات المجتمع" بدأت تتآكل والسبب زيادة المصاريف والأعباء ونزول معدل ربح الصيدلية بعد تخفيض, مما عكس ذلك على الوضع الاقتصادي لصاحب الصيدلية من أكثر من جهة, منها على سبيل المثال لم يعد العديد من الصيادلة يعيشون الحياة الكريمة التي يحلمون بها هم وأسرهم, بل ان العديد منهم أصبحت الشيكات التي تصدر عنهم تعود بدون رصيد من البنوك, الأمر الذي جعل بعضهم يدخل السجن والبعض الآخر ينتظر , بعبارة أخرى أصبحت الحياة مؤلمة وحزينة بل وكئيبة.

هذا الأمر أدى الى الانعكاس على الصيادلة العاملين في الصيدليات, حيث تم فصل بعضهم من العمل نتيجة عدم القدرة المادية لصاحب الصيدلية على دفع رواتبهم, او ان الصيدلي قام بتخفيض رواتب موظفيه, كما ان البعض أصبح لا يتجرأ على توظيف صيادلة مما أدى الى زيادة أعداد العاطلين عن العمل .

دخلاء المهنة يزدادون يوما عن يوم, الأمر الذي اثر كثيرا على توظيف الصيادلة ان كان في صيدليات المجتمع او الإعلام الدوائي " الدعاية الطبية" حيث دخل على المهنة " ممن هب ودب" من الدخلاء وأصبحوا أصحاب القرار , أما الصيادلة فقد أصبحوا التابعين الذين لا يستطيعون مخالفة هؤلاء الدخلاء وسبب ذلك اللهثان وراء لقمة العيش.

أما العاملين في الدعاية الطبية فقد أصبح يعمل بها الكيميائي والفيزيائي والمهندس وخريجوا التخصصات الأدبية و مساعدي الصيادلة وغيرهم الكثير من هذه النوعيات, رغم ان هذه التعيينات جميعها مخالفة للقوانين والأنظمة, ان كانت تلك المتعلقة بوزارة الصحة او النقابة, الا انه لم يتجرأ احد ليقول كفى من اجل تشغيل أبناء المهنة رغم علمهم جميعا بهذه المخالفات.

كما انه عد أصحاب الصيدليات بالمطالبة لهم بزيادة المصاريف الإدارية ولم يتحقق شيء, وعد الصيادلة العاملين في القطاع العام بالعلاوة الفنية ولم يتحقق شيء, وعد الصيادلة بمحاربة الدخلاء على المهنة ولم يتحقق الا ما رحم, وعد أصحاب الصيدليات بوقف صرف الوصفات الطبية من قبل صيدليات المستشفيات ولم يتحقق الا ما رحم ربي,  وعد الصيادلة بتعميم وصفات شركات التامين خصوصا وصفات الأمراض المزمنة ولم يتحقق شيء .

وفي الجهة المقابلة فقد زاد تغول سلاسل الصيدليات على حساب الصيدليات الفردية, فبدل ان يقل عدد فروع السلسلة الواحد وجدنا انه زاد, فبدل ان يكون 30 فرع لكل سلسلة حسب ما طالبت به الهيئة العامة نجد انه تم إقرار 50 فرع لكل سلسلة من مجلس النواب, كما ان وصفات الأمراض المزمنة مازالت توجه لهذه السلاسل خصوصا اكبر سلسلتين , رغم المطالبة بتعميم هذه الوصفات الا انه "أسمعت لو نادية حيا"

الوعود كثيرة والإنجازات قليلة, وهذا ما ساهم كثيرا في تدني مستوى المهنة و منتسبيها وفقدان الصيادلة ثقتهم في نقابتهم, واعتبر البعض ان النقابة مثل الحكومة فقط من اجل الجباية وليس تقديم الخدمات ورفع سوية المهنة.

 بل ان البعض أصبح يطالب بإلغاء النقابة, فيما ذهب البعض الآخر الى المطالبة بإقالة نقيب وأعضاء مجلس النقابة من منطلق شعورهم أنهم لم يقدموا للصيادلة الحد الأدنى من مطالبهم رغم عملهم الدؤوب كما يصفه البعض.

بالإضافة الى ذلك فإننا نرى ان مهنة الصيدلة قد بدأت تفقد هيبتها واحترامها ووجودها بين الناس خصوصا فيما يتعلق بمواقفها السياسية والنقابية والتي كان آخرها الموقف مع نقابة المعلمين التي أثارت حفيظة عدد كبير من الصيادلة.

ان مهنة الصيدلة بحاجة الى منقذ, وان هذا المنقذ يجب ان تتوفر به مجموعة من المواصفات التي أهمها العمل لصالح المهنة بعيدا عن المصالح الشخصية والتفرغ للمهنة الى ان تقف على قدميها وتتعافى على اقل حد, تشكيل مجلس استشاري من الخبراء في المهنة ومن مختلف مجالات العمل الصيدلاني حتى يقدم النصح والمشورة لأعضاء المجلس بحيث يكون ناصحا أمينا.

غير ذلك فإننا نستطيع القول ان الأفق واضح, وان الأفق لا نستطيع تغطيته بغربال, وان على من يرغب بالترشح للمجلس القادم ان كان لمركز النقيب او العضوية عليه وضع نصب عينيه العمل لمصلحة المهنة وليس لمصلحته الشخصية , و العمل لمصلحة المهنة وليس العمل من اجل إعادة انتخابه مرة أخرى للدورة التي تليها .

كفانا استغلالا لمناصبنا, وكفانا استغلالنا للوظيفة, وكفانا عدم قبول الرأي الآخر , وكفانا " من ليس معنا فهو ضدنا".

 وأخيرا كفانا للمسحجين الذين هم الخطر الأكبر على المهنة بسبب تضييعهم للحقائق, وأوهام الناس بأشياء غير حقيقية وانجازات وهمية .

غير ذلك فان الكثيرين سوف يوافقوني القول "مهنة الصيدلة: باي .. باي !!"

 

 

مواضيع ذات صلة

اترك تعليق (سيتم مراجعة التعليق خلال 48 ساعة)

التعليقات

  • د. صلاح الكسواني
    لا يمكن بأي حال من الاحوال ان نقول او ندعي باي باي لمهنة الصيدلة وذلك لاسباب كثيرة ان الانهيار الذي تتحدث عنه د. مالك في مقالتك قد بداء منذ عقدين من الزمن عندما لم لم تفكر الحكومات المتعاقبة وتحديدا وزارة التربية والتعليم ووزارة العمل وضع استراتيجية مشتركة لتحديد حاجة الوطن من الكفاءات المهنية المختلفة وتركت الباب مشرعا لاصحاب المصالح لجني الاموال على حساب المواطن؟ وما زلنا نقول ان من واجب وزارة التعليم العالي ووزارة العمل ان من واجبهما وضع استراتيجة واضحة لتحديد عدد الخريجين من كل التحصصات والمهن وان تطلب ذلك اغلاق بعض التخصصات في الجامعات لفترات محدده او إغلاق نهائي ويكون ذلك بالتنسيق مع النقابات ذات العلاقة علما بأن نقابة الصيادلة نادت يذلك ولكن للاسف المتنفذون هم اصحاب القرار. اما ما ندعيه بان واجهة المهنة هي صيدليات المجتمع فهذا المقصود منه الصيدليات الفردية وهذا غير صحيح فالصيدليات بغض النظر فردية او سلاسل والصناعة الدوائية والشركات البحثية والاكاديمين الصيادلة جميعا واجهة المهنة. اما بالنسبة للوضع الاقتصادي للدولة فهذه مشكلة عامة للوطن ولكن اتفق معك د. مالك بان تخفيض الاسعار ادى الى تقليل نسبة الدخل للصيدليات. بالنسبة لدخلاء المهنة فبرايي ان اساس المشكلة هم الصيادلة الذين يرتضون لانفسهم تسليم شهاداتهم ومزاولتهم للمهنة لاصحاب الاموال للاستثمار وبالتالي الخاسر الوحيد هم الصيادلة ومع ذلك قامت المجالس المتعاقبة باتخاذ اجراءات معينه للحد من هذه الظاهرة الا ان الذي يفشل هذه الاجراءات هم الصيادلة انفسهم وبالتالي لا نستطيع اتهام المجالس بالمسؤولية عن تفشي ظاهرة الدخلاء على المهنة. ونفس الشيء بالنسبة بالنسبة للعاملين في مجال الدعاية الطبية قد بدات منذ عقود ولا زات قائمة. اما حكاية المطالبة بزيادة المصاريف الادارية ونسبة الربح فهذه قصة قديمة متجدده سنويا منذ اكثر من عقدين ولكن للاسف ان هذا الموضوع بيد الحكومه والجكومة فقط. وللاسف لا حياة لمن تنادي. اما بالنسبة للسلاسل فالوضع واضح لا لبس فيه فهناك اصحاب سلاسل ولكنهم مسجلين باسماء فردية وحدث بلا حرج. مع كل الاحترام والتقدير دز صلاح الكسواني