فارماجو – د. مالك السعدي
لطالما كانت نقابة الصيادلة الأردنية العون الدائم واليد الفضلى و الطولى في اتحاد الصيادلة العرب, كيف لا وهي احد المؤسسين للاتحاد, وهم من الموقعين على ان يكون المقر الدائم للاتحاد في القدس, علاوة على ذلك فان نقابة الصيادلة الأردنية وحتى الآن تدفع نصيبها من الاشتراكات في مجمع النقابات المهنية في القدس كأحد النقابات المهنية في المجمع.
ومن هنا فان الحس القومي لصيادلة الأردن ممثلين بنقابة الصيادلة الداعم الرئيسي والأساسي للصيادلة في فلسطين, حتى وان بعضهم منتسب لنقابة الصيادلة ويتقاضون رواتب تقاعدية شهرية.
ومن هنا فانه لا يجوز بأي حال م الأحوال المزايدة على صيادلة الأردن في حبهم ودعمهم لصيادلة القدس وفلسطين مهما كانت الأسباب والمبررات.
أسوق هذه المقدمة قبل تقديم التحليل والقراءة لما جاء في البيان الصادر عن الأمانة العامة لاتحاد الصيادلة العرب الذي صدر بتاريخ 2019/7/13 والذي جاء تحت عنوان " بيان توضيحي من الأمانة العامة لاتحاد الصيادلة العرب بخصوص تنظيم رحلة للصيادلة الى الامارات العرببة خلال انعقاد مؤتمر الفيب FIP2019"
وقد جاء صدور هذا البيان ردا على تفاعلات و تغريدات عدد كبير من صيادلة الأردن الرافضين للدعوة التي دعا اليها اتحاد صيادلة العرب للمشاركة في مؤتمر اتحاد الصيادلة العالمي FIPالذي سيعقد في الفترة الكائنة مابين 22-26 من شهر أيلول القادم 2019 في دولة الإمارات العربية المتحدة.
صيادلة الأردن الذين ابدوا نزعاجهم وغضبهم من اتحاد الصيادلة العرب جاء بناء على كيل الاتحاد بمكيالين تجاه القضايا النقابية والإقليمية ولم يكن منصفا في هذا الكيل خصوصا مع الاردن.
فعندما عقد مؤتمر الامرو التابع لاتحاد الصيادلة العالمي الفيب FIPاتهم الاتحاد هذا المؤتمر وقال ان هذا المؤتمر فيه تطبيع مع الكيان الصهيوني واصدر بناء عليه أكثر من بيان يؤكد على ان نقابة الصيادلة الأردنية احد المطبعين مع العدو الصهيوني نتيجة استضافة مؤتمر الامرو الذي تبين لاحقا وعند انعقاد المؤتمر انه لا يوجد صحة لما قاله الاتحاد.
حيث لم يحضر أي من صيادلة الكيان الصهيوني, وهذا ما شهد به جميع الصيادلة الحاضرين للمؤتمر الذي حضره ما يزيد عن 1000 صيدلاني من الأردن والدول العربية والعالمية وشهد له الجميع بالنجاح والتقدير وبناء عليه فان ما اتهم به الاتحاد في ذلك الوقت نقابة صيادلة الأردن كان غير صحيح.
لكن وفي نفس الوقت قام الاتحاد بالدعوة الى المشاركة في مؤتمر الإمارات العربية وهنا كان التساؤل كيف تعيب علينا نحن الأردنيين عقد مؤتمر الامرو وتوافق على عقد الفيب في الإمارات بل وتدعوا الصيادلة للمشاركة فيه.
هذا الأمر اثار حفيظة الأمانة العامة للاتحاد مما دعاه لإصدار بيان توضيحي قامت فارماجو بنشره في وقت سابق, الا ان هذا البيان كان اسواء من البيان السابق وحسب ما قاله الصيادلة الرافضين للبيان الأول على منصات التواصل الاجتماعي ان كان الفيسبوك او الوات ساب.
استياء الصيادلة دعاني كمحلل نقابي الى وضع النقاط على الحروف لأهم ما جاء في البيان, والتي تتمثل بما يلي:
1- وصف البيان بعض صيادلة الأردن بالمتربصين باتحاد الصيادلة العرب التي تحمل في طياتها التضليل والتشويش على اتحاد الصيادلة العرب, وهذا الكلام مردود عليه ومرفوض, لانه في البداية لا يوجد في الأردن مصطلح "بعض" لان الصيادلة جسد واحد وان تكلم البعض في رفض ما ورد عن الاتحاد فهذا يعني ان جميع الصيادلة يرفضون, وما يؤكد ذلك قول نقيب الصيادلة الدكتور زيد الكيلاني ان " سر نجاحنا وقوتنا في وحدتنا"
2- وصفت الأمانة العامة لاتحاد الصيادلة المعارضين لقرار الدعوة لحضور مؤتمر الإمارات بالأعداء, كما شبهتهم بالإرهابيين وذلك عندما قال "فرح أعداء اتحاد الصيادلة العرب وهللوا وكبروا كما يكبر الإرهابيون قبل قتل ضحيتهم" وهذا ما لا يرضاه أي صيدلاني أردني بان يوصف مثل هذا الوصف, واننا في انتظار رد نقابة الصيادلة على هذا البيان.
3- اتهمت الأمانة العامة للاتحاد الصيادلة الأردنيين ممثلين بالنقابة بالعمل جنبا الى جنب مع ممثلي العدو الصهيوني, وهذا الكلام غير صحيح 100% وان نقابة الصيادلة دعت وما زلت تدعوا الى مقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني ودعمها للقدس, بال وإنها في اجتماعها الأخير قامت باتخاذ قرار شجاع يتمثل بإضافة عبارة " القدس عاصمة فلسطين الأبدية" على جميع مطبوعاتها ومراسلاتها الداخلية والخارجية.فقد جاء في البيان: " ان بعض النقابات وعلى رأسهم نقابتكم (نقابة صيادلة الأردن) وخاصة مجلسها الحالي هم من حضروا ويحضرون هذه المجالس جنبا الى جنب مع ممثلي العدو الصهيوني .
4- اتهم صيادلة الأردن ممثلين بالنقابة باختيار نائبا لرئيس اتحاد الصيادلة العالمي "الفيب" وجاء ذلك عندما قال " بل أكثر من ذلك الفيب قد اختار صيدلانية أردنية أحد نواب رئيس الفيب" , وفي هذا السياق نقول ان اختيار احد صيادلة الأردن نائبا لرئيس الفيب شرف لنا ولصيادلة الوطن العربي بدون استثناء.
5- ان انتقاده لاختيار النقابة لمركز نائب رئيس الفيب والممثل كأنها جريمة فيه تعارض لما قاله بنفس البيان عندما قال "اننا لسنا ضد الفيب رغم ما فعله لأنه ببساطه منظمة دولية بها كل المنظمات الصيدلية على مستوى العالم ، وان وجود اللوبي الصهيوني من خلال ممثليه في مجلس الفيب يجب ان لا يمنعنا من التواجد ، بل يجب علينا ان نوحد قوتنا وان نستقطب أصدقائنا من الدول الإفريقية والافرو اسيوية والإسلامية لنكون قوة أمام اي توجه قد يضر بقضايانا مثل ما حدث عام1996 بالقدس" , وعد هذا القول من الأمانة العامة للاتحاد أليس من الأولى ان يكون نائب رئيس الفيب صيدلانيا عربيا, اوليست الأردن دولة عربية !!.
6- أوحى الاتحاد بان الانتساب والمشاركة في الفيب يجب ان يأخذ الموافقة من اتحاد الصيادلة العرب وجاء ذلك عندما قال البيان " ومع ذلك نحن لم ننتقد ذلك ولم ننتقد مجلس نقابة الأردن لمشاركتهم في الفيب" او الى هذا الحد وصلت الأمور في الاتحاد العربي لان يفرض وصايته على الاتحادات العربية ومن ضمنها الأردن !!.
7- اتهم البيان تجميد نقابة صيادلة الأردن لأنشطتها وعضويتها في الاتحاد بأنه انقلاب ضد الاتحاد, وتناست الأمانة العامة بأنه لا يستطيع أي نقيب او عضو مجلس نقابة اتخاذ أي قرار يمس أي كيان صيدلاني ان كان الاتحاد العربي او غيره الا بعد او طلب الهيئة العامة للصيادلة ذلك, وموافقتها عليه, وليس كما ذكر البيان من معلومات مغلوطة من شانها ان توصل المعلومات الخاطئة لكل من يتابع الشأن الصيدلاني ان كان في الأردن او خارجه حيث جاء في البيان:
" لولا انقلاب موقف نقابة صيادلة الأردن ضد الاتحاد وخروجها من عضوية الاتحاد".
8- أقحم البيان اسم جماعة الإخوان المسلمين في بيانه, وكأن هذا الإقحام سيجعل الصيادلة يسخطون على الجماعة او ان يرفضوها ويرفضوا المتعاملين معها, بل انه يحرض الصيادلة على الجماعة وكأنها كيان منبوذ بين صيادلة الأردن, او انه يريد ان يوصل رسالة لبعض الجهات غير الأردنية بان نقابة الصيادلة الأردنية من يديرها هم الإخوان المسلمين الإرهابيين, واعتقد بان الأمانة العامة للاتحاد قد فشلت في اقحام اسم جماعة الإخوان المسلمين في هذا الموضوع, لان صيادلة الإخوان هم احد أركان ما يعرف ب "التيار الإسلامي الصيدلاني" وهم احد الأعمدة الرئيسية في دعم النقابة والوقوف الى جانبها في أوقات الشدة والرخاء, وإنهم استلموا النقابة في فترات عديده, وكانوا احد خيرة من يستلم النقابة ويديرها بالشكل الصحيح.
9- أصر البيان مرة أخرى على ان الانقلاب النقابي حسب زعمه هو وراء الانشقاق وتجميد عضوية نقابة الصيادلة في الاتحاد العربي, وقد نسي او أنسى من أوصل الكلام للاماته العامة بأنه عندما تم طلب تجميد عضوية النقابة في ذلك الوقت لم يكن الإسلاميين في مجلس النقابة وان معلوماته بنيت على معلومات خاطئة, كما يتهم الانقلابيين حسب زعم البيان أنهم وراء تحمل نقابة الأردن الدعوة لإقامة ( الأمرو- المولود من رحم المؤامرة الصهيونية ) .
10- اكد البيان على ان الاتحاد طالب نقابة الصيادلة الأردنية بعدم إقامة مؤتمر الامرو في الأردن وان الاتحاد وقف ضد إقامة هذا المؤتمر بحجة ان هناك تطبيع مع العدو الصهيوني, بل وحذر الاتحاد الأردن من إقامة المؤتمر في الأردن, الأمر الذي تم نفيه في ذلك الوقت من خلال عدم مشاركة أي صهيوني في المؤتمر, الا ان السؤال الذي يطرح نفسه أليس هذا تدخل في الشؤون الداخلية للنقابات العربية والتي تعتبر الأردن احدها؟؟
11- أوضح البيان ان الاتحاد ليس ضد صيادلة الأردن عندما قال " إننا ضد الامرو وليس ضد نقابة الأردن, ان نقابة الأردن وصيادلة الأردن كانوا و سيظلوا قدوة لنا, وكانوا هم أول من قبر الامرو وقاد هذا الموقف ضده حفاظا على اتحاد الصيادلة العرب", لكن السؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت نظرت الاتحاد لصيادلة الأردن بهذه الطريقة الإيجابية, فلماذا كل هذا الكيل الذي افتتح البيان كلماته ضد صيادلة الأردن؟؟؟.
12- وجاء في البيان " ان اتحاد الصيادلة العرب لم يصف يوما ما اي مشارك سواء فردا او نقابة او مؤسسة صيدلية بالخيانة او التطبيع او...او... كما يدعون" , وهنا نقول كيف يتوافق هذا الكلام مع ما جاء من وصف لصيادلة الأردن أعلاه ؟؟؟.
13- وأخيرا جاء في البيان "نؤكد أننا سنظل ندعم اي منظمة عربية لو استطاعت ان تستضيف او تنظم المؤتمر العام للفيب في دولتها, لأنه حدث عالمي ينظر اليه جميع العالم ويشارك فيه... وشتان ما بين مؤتمر عالمي للعالم كله تستضيفه دولة عربية، وبين مؤتمر إقليمي أسس للفتنة والوقيعة بين صيادلة الوطن العربي" وهنا يعود البيان ليناقض نفسه مرة أخرى, ويؤكد على اتهامه لنقابة صيادلة الأردن لكن بطريقة غير مباشره, فكيف لصيادلة الأردن ان يثقوا بكلام الأمانة العامة للاتحاد بعد كل هذه الافتراءات, والكيل بمكيالين وهذا الذي دعا الى غضب الصيادلة الأردنيين, غير ذلك نسيت الأمانة العاملة او تناست ان احد الدول العربية المشاركة في مؤتمر الامرو في الأردن دولة الامارات, وهي نفسها راعية مؤتمر الفيب, فكيف يصفها عندما كانت في الأردن وكيف يصفها الان بعدما أصبحت من ينظم مؤتمر الفيب!!.
14- ولمعرفة مدى التناقض في البيان ولمعرفة الكيل بمكيالين بل وللوقوف على حقائق ثابتة ودامغة لا يوجد فيها اختلاف عند اثنين بالنسبة الى التعامل مع العدو الصهيوني وذلك عندما أجاز البيان حضور المؤتمر مع تواجد الكيان الصهيوني مبررا فعلته هذه بالقول "لأنه من العيب ان يحضر ممثلي العدو الصهيوني في بلد عربي وان يهرب ممثلي الدول العربية أمامهم تواجدنا هام ومهم", وبهذا القول فان الأمانة العامة لاتحاد الصيادلة العرب أصبحت تصف من لا يحضر المؤتمر لوجود العدو الصهيوني فيه "بالعيب" , اما الدعوة لحضور مؤتمر في دولة عربية أخرى مثل الأردن بدون وجود العدو الصهيوني فسماه بالتطبيع و ..الخ, وهذا هو قمت الاستخفاف بالعقول عند الرغبة بتبرير التطبيع مع العدو الصهيوني.
النقاط كثيرة, ولم أرد الإطالة أكثر و اكتفي بهذا القدر من التحليل والتعليق على ما جاء في البيان, واني ادعوا جميع الزملاء الصيادلة المتابعين لفارماجو بالاطلاع على البيان الصادر عن الاتحاد ليرو حجم التناقضات التي فيه, وكان كاتب البيان لم يكن يستطيع تجميع أفكاره, فتارة يذهب يمينا وتارة بذهب شمالا وهو لا يدري أين يكون.
إلا انه من الواضح جدا مدى عداوة كاتب البيان لصيادلة الأردن ولنقابتهم في كثير من القضايا التي تبنوها والتي تمثلت في الآونة الأخيرة بان يكون نائب رئيس اتحاد الصيادلة العالمي FIPاحد صيادلة الأردن وهي الدكتورة سميرة القسوس, وان يكون رئيس الامرو هو الدكتور صلاح قنديل شبير, وان دل هذا على شيء فإنما يدل على المكانة المرموقة التي وصل إليها الصيدلاني الأردني.
وان تميز صيادلة الأردن لم يكن يتمثل في مثل هذه الأماكن المرموقة وحسب, بل تميزوا في كثير من المواقع التي استلموها او تواجدوا فيها, فهاهي الصناعة الدوائية الأردنية في طليعة الدلو العربية, وهاهي التشريعات والقوانين الأردنية تعتبر الأساس والقاعدة المتينة لكثير من الدول العربية التي تنهل منا كل ما هو جديد وحديث.
ان من حق صيادلة الأردن الاعتزاز والافتخار بأنفسهم, وان بيانا مثل هذا البيان او غيره من البيانات لم ولن يضعف من عزيمة صيادلة الأردن او نقابتهم او المس بهم لا من قريب او بعيد.