فارماجو – د. مالك السعدي
لا يخفى على احد وضع مهنة الصيدلة الذي ينحدر إلى الأسفل يوما بعد يوم, ولعل البعض يعزي السبب الى عدم قدرة نقابة الصيادلة على اتخاذ المواقف الصحيحة والحازمة التي كان من شانها لو تم اتخاذها ان يكون الوضع أفضل مما عليه الآن.
إلا ان الحقيقة المرة ان مجلس النقابة الشاب الذي تبين انه لا يملك الخبرة الكافية في مواجهة المستجدات و التحديات والتي لا يعرف من أين تأتي من كثرتها, فما يكاد ان ينتهي من احد المشاكل والتحديات والا هناك مشكلة وتحدي جديد, مما جعل العديد من المتابعين للشأن الصيدلاني الإشفاق على نقيب وأعضاء مجلس النقابة.
لكن وبرغم إيجاد العذر للنقابة الا أنها كما يرى البعض لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بحماية المهنة, وان الحلول التي تم اتخاذها حتى الآن ما هي الا حلول جزئية من الممكن و بأية لحظة ان تنهار ونرجع الى نقطة الصفر من جديد .
ولقد كان للحدث الأخير وهو معرفة نقابة الصيادلة, والصيادلة بشكل عام عن " بنك الدواء " الأثر السلبي الكبير في نفوس الصيادلة مما أثار لديهم الغضب العارم, علما ان الترخيص للبنك تم عام 2018 أي قبل عام من الآن ولا يعرف عنه احد.
الضربات المتتالية على المهنة ان كان من قطاعات التامين الصحي المختلفة والتي كان آخرها مع نقابة المحامين, او تنزيل الأسعار التي ترأس حملتها احد أعضاء مجلس النواب, والطلب بفتح باب الاستثمار لغير الصيادلة , وتعديل المسافات بين الصيدليات, و مشكلة صيادلة القطاع العام, كل هذه التحديات تقودنا الى شيء واحد وهو ان مهنة الصيدلة أصبحت مستهدفة وبحاجة الى وقفة رجل واحد ضد كل من يتآمر عليها, وعلينا وضع أيدينا مع بعضنا البعض بيد النقابة.
وإنني أرى ان نقيب وأعضاء مجلس النقابة مستشعرين للخطر المحدق بالمهنة, وهذا ما دعاهم الى تحديد موعد من اجل دراسة مستقبل مهنة الصيدلة, من خلال الالتقاء مع مختلف القطاعات الصيدلانية التي تمثل المهنة, إلا ان هذا الاجتماع تم تأجيله الى إشعار آخر بسبب وجود بعض من تم دعوتهم للاجتماع خارج البلاد, ومع ذلك فانه علينا ان ندعمهم وان نقف بجانبهم في ظل هذه الظروف الاستثائية.
لكن وبتصوري فان تشكيل لجنة إدارة ألازمة / الأزمات لا بد منه في الوقت الحاضر حتى تتحمل كافة قطاعات المهنة المسؤولية عن مستقبل هذه المهنة التي نعتقد بأنها تسير نحو الانحدار الشديد في ظل عدم وجود حل للمشاكل الطارئة. ناهيك عن المشاكل اليومية والاهم من ذلك البطالة التي بدأت تتفشى بين الزملاء والزميلات حيث بلغت نسبة البطالة حتى العام الماضي عند الزملاء الذكور 26% وعند الزميلات 37% وذلك حسب تصريح أمين سر نقابة الصيادلة د. صلاح قنديل لفارماجو في وقت سابق.
لكن الأهم بتصوري ما هي الخطوات التي اتخذتها النقابة من اجل منع البطالة الحقيقية القادمة, والتي من شانها إذا لم يتم إيجاد حلول لها ان تنسف المهنة كلها , لان عدد المنتسبين للنقابة في الوقت الحاضر 23 ألف صيدلاني بينما من هم على مقاعد الدراسة الآن 30 ألف صيدلاني من المتوقع تخرجهم خلال ال 5 سنوات القادمة, فما الذي أعددناه لهم حتى لا تكون نسبة البطالة كارثية.
واعتقد انه اذا ما إيجاد حلول لما آلت اليه الأمور في المهنة من تردي وتدهور والذي يعتبر في الوقت الحاضر لا شيء مقابل ما ينتظرنا في المستقبل فانه علينا وأكرر إنشاء لجنة إدارة أزمات من نقباء الصيادلة السابقين والخبراء في الصناعة الدوائية وأصحاب الصيدليات و كليات الصيدلة وغيرهم من أصحاب الخبرة من مختلف قطاعات المهنة.
كما علينا إيجاد مجالات عمل جديدة للمهنة غير تلك المجالات التقليدية والتي تم استنزافها من كثرة العاملين فيها, علينا معرفة ما يحتاجه المجتمع منا وعلينا تلبية هذه الاحتياجات.
وبتصوري ان عدم إدراك المخاطر القادمة والعمل على حلها من الان من خلال خطه خمسة او عشرية, فاننا نستطيع القول ان المهنة في احتضار, وما الذي ننتظره فقط رصاصة الرحمة التي من السهل إطلاقها من المتربصين بالمهنة والذين يسعون بين الحين والأخر الى العبث بها وإيجاد المنافذ القانونية من اجل اختراقها وإفسادها خصوصا ان كل منا يعرف ان اذرع الفساد التي كانت تعمل بالظلام في الأوقات الماضية باتت الآن تعمل بالعلن ولا تخاف او تخشى من احد.
وبناء عليه ماذا ننتظر؟؟؟ والى متى سنبقى نعمل بالطريقة التقليدية و البيروقراطية في اتخاذ الفرارات وغيرها ؟؟ وهل تعتقدون ان المتربصون بالمهنة سينتظروننا الى ان نصلح مشاكلنا ام أنهم سينقضون علينا بلحظة لم نكن ننتظرها, الأمر الذي لا ينفع فيه الندم في ذلك الوقت.
.